البيت النوبي استوعب الإنس والجن معاً في توافق
عدة أسباب يمكن أن تفسر تراجع حضور الأنموذج التاريخي لبيت النوبيين الشماليين. الذي ميز قراهم المتمددة على ضفاف النهر في موطنهم في شمالنا الحبيب. بالرغم من ذلك تظل قيمته العالية تقدم لنا أروع الدروس. في عمارة نجحت في التعامل مع المتطلبات والتحديات التي فرضتها عليهم ظروفهم عبر الزمن بشكل مدمج متكامل. درست هذه الحالة بعناية وتعمق. أعانني على ذلك المسعي اطلاعي على الكثير من جوانب تاريخ وتراث وثقافة تلك المجموعة الأثنية. أنتجوا عمارة قمة في التعبير بالرغم من بساطة مواد تشييدها التي اعتمدت على تراب موطنهم. لذلك يشار اليها وكل ما يشابهها من أعمال بعمارة التراب.
استعراض هذه العمارة التراثية المتفردة يستدعي بالضرورة النظر في الملابسات والظروف التي أدت الى ظهورها وتألقها. تسليط الضوء عليها سيكشف عظمة أنموذجها وسيقدم لنا نحن المعماريين المتعاليين بشهاداتنا دروس مجانية مهمة. أنتجها قرويون في ظروف بالغة التعقيد محفوفة بالتحديات حكت قصة مجتمعات عاشت حياة في غاية البساطة متوشحه بالنبل. ندرة وقلة الموارد لم تمنعهم من إنتاج عمارة في منتهي الروعة قاموا بصياغتها بما هو متاح لديهم. على سبيل المثال الألوان المدهشة التي منحتها ذلك الألق المميز جاءوا بها من صخور الجبال المحيطة بقراهم. بالرغم من كل تلك التحديات أنتجوا عمارة حازت على إعجاب الناس من خارج موطنهم وزمانهم لدرجة جعلتها هدفاً للاستنساخ في شتي أنحاء العالم. (more…)