الدكتور هاشم خليفة : السودان يحتشد بثراء فني مُفرط في التنوع ويتميز بدرجات عالية من الصدق والحميمية

متابعات الثقافي
استضافت ندوة العلامة عبد الله الطيب بقاعة الشارقة بالخرطوم وبرعاية شركة « زين « الدكتور معماري هاشم خليفة محجوب في ندوة وسمتها ب « الشعر والموسيقا والعمارة مقاربات إبداعية « ، وذلك وسط حضور كبير من المهتمين ، حيث تطرق الدكتور هاشم خليفة إلى مجموعة من المحاور المتنوعة عززها بعرض عدد كبير من النماذج المعمارية الملونة ، فيما عرض الدكتور كمال يوسف العديد من النماذج الموسيقية.
وبداية أكد الدكتور هاشم على وجود التشابه الكبير بين الشعر والموسيقى والعمارة فقال ان سمات وأساسيات العمارة وضع سماتها الفيلسوف إفلاطون ، وهو علم قائم على النسب ، وأضاف ان هذا العلم قام بإحيائه علماء عصر النهضة بعد ان تم تخليصه من الشوائب ، وفي محور ظاهرة الولع للإبداعات الكلاسيكية أوضح ان الشعر الجاهلي ما زال يحتفظ بسحره الخاص وكذلك شكل الإهرامات التي ظهرت بأشكال هندسية مميزة ووصفها إفلاطون بانها تتميز بسحرية جاذبة وهي ما زالت حتى الآن تبهر الناس ، وفيما يتعلق بسمات وملامح العمارة الكلاسيكية ذكر الدكتور هاشم خليفة ان هذه العمارة تعتمد على جمل متناسقة في سياق محسوب بعناية فائقة وهي تعتمد في الأساس على الوحدة البنائية.
وألمح ان الجانب المكمل هو تلك المفردات المميزة وهي تعد أصغر من الجمل الكاملة ، وأكد ان هذه العمارة بها نوعان من الأعمدة الأيونية ، أما في محور الكلاسيكية الراجعة والذي يعد من أهم مدارس توجه ما بعد الحداثة ، قال الدكتور هاشم خليفة انه من الصعب الفكاك والتحررالتام من تأثير الكلاسيكية ، لافتاً إلى انه ما زال الكثير من الشعراء يحنون إليها في زمان الحداثة ، وقال ان الشعراء يلجأون إليها في مآلات بعينها يكون فيها النهج الكلاسيكي أبلغ تعبيراً ، وأضاف ان هذا الاثر ظهر في عدة انماط أبرزها هو النموذج الذي جسده شالس مور في عمله الخالد الذي يعرف ب « الكلاسيكية الراجعة « ، وكشف ان هنالك نماذج محدودة من هذا النسق جسده المعماري السوداني ذو الأصول الأرمنية جاك أشخانص الذي قدم أعمالاً جمالية تصب في ذات النسق من الكلاسيكية الراجعة .
ويرى في محور ظاهرة عمارة التراثية الراجعة انها شبيهة باللغة والشعر وصياغتها تتم في شكل جمل ونماذج مميزة من أشهرها عمارة المجموعة النوبية في شمال السودان ، وأبان ان هذا النوع هو أيضاً نهل منه السوداني جاك أشخانص وأشار إلى ان هذه العمارة فيها الكثير من الرمزية .
وفي ظاهرة الرومانسية في الفنون والعمارة كمحور، قال الدكتور هاشم خليفة ان هذه الظاهرة تجلت في توجه إرتكز على فلسفة إتجهت نحو الطبيعة كمصدر إلهام أساسي ، وأضاف إلى إنها لاقت رواجاً كبيراً وإنداحت في مجالات الفنون الجميلة والتطبيقية متجاورة للمساحات .
وذهب إلى ان تيار الحداثة إجتاح الساحات فكانت العمارة في قلب الحدث ، وأشار إلى ان السودانيين تميزوا في هذا المجال ومن أميز هؤلاء السودانيين عبد المنعم مصطفى ، وأكد ان مدرسة عمارة الطرفة هي توجه ما بعد الحداثة، لافتاً إلى انها مدرسة إتبعت نهجاً معاكساً لصرامة وجدية عمارة الحداثة ، ويرى ان هذا النوع انتج أعمالاً تميزت بالطرافة ، وقال هي تشبه إلى حد ما الشعر الحلمنتيشي ، وعرض الدكتور هاشم مجموعة من النماذج التي ذهب إليها .
ومن جانبه قارن الدكتور هاشم خليفة أعمال العمارة الكبيرة بالأعمال الشعرية الغنائية ذات المقدمات الطويلة ، مشيراً إلى أغنية « الود « عند الموسيقار محمد وردي وأغنية « محراب النيل « عند الموسيقار عثمان حسين يقابلهما في جانب العمارة مبنى وزارة المالية الحالي « قصر الحاكم « وكذلك معابد الحضارات القديمة التي قدمت أروع الأمثلة ، ومن بينها معبد آمون الشامخ والرابط عند أعتاب جبل البركل والذي يتميز بمقدمته الطويلة التي كانت تلامس شاطي النهر ، وأجمع الدكتور هاشم خليفة إلى ان هنالك كلاسيكية في كل هذه الأعمال .
وفي سياق ذو صلة أجرى الدكتور هاشم مقاربة إبداعية ما بين الآلات الموسيقية ومواد البناء ، وأوضح ان هنالك تباينا كبيرا بين هذه العناصر ، وأكد ان مواد البناء تلعب نفس الأدوار التي تقوم بها الآلات الموسيقية من حيث الحوار النغمي والشُحَنْ التعبيرية الكبيرة .
وفيما يتعلق بتأثيرات الفلسفة والفكر التجريدي على مجالي الموسيقى والعمارة، ذكر ان الغرب شهد أحداثاً في بدايات القرن الماضي غيرت في مجالي الفنون والآداب ، وذهب إلى ان الفكر التجديدي كان بمثابة رأس الرمح في إحداث هذه الثورة فظهرت الموسيقى المركبة آلياً وأعرضت عمارة الحداثة عن محاكاة ما هو حولها من أشكال فتغيرت صورتها .
وخلص الدكتور هاشم إلى القول في محور التنوع اللحني والإيقاعي في المجالين ان التنوع اللحني محبب في الموسيقى كما هو أيضاً مُفَضل في مجال العمارة وزعم في خلاصة حديثه ان السودان يحتشد بثراء فني مُفرط في التنوع ويتميز بدرجات عالية من الصدق والحميمية .

http://alsahafasd.com/6091810