هذه المقالة مع أخريات ستصدر قريباً في كتاب للدكتور هاشم خليفة محجوب بعنوان (العمارة السودانية: مواقف ومشاهد)
قابلت المرحوم الأستاذ كمال عباس أول مرة عندما تزاملنا لفترة قصيرة بمكتب الباشمهندس الأمين مدثر في نهاية الستينات. هذه فرصة للتوقف قليلاً عند هذه المحطة. كان مكتبه زمان إذ بمثابة مؤسسة تدريب وتدشين لعدد من المعماريين الذين صار لهم شأن كبير لاحقاً. ننتهز هذه الفرصة لنرفع القبعة لأستاذنا الكبير الباشمهندس الرائد الأمين مدثر فقد قدم للمهنة خدمة لا تقدر بثمن. كان هو الرائد في تأسيس المكاتب الاستشارية التي قامت على نهج مثالي. قدم كل تلك الخدمة واستمر يقدمها لعقود من الزمان قبل أن تضطرب الأحوال فتدفعه للانزواء بعيداً عن الأضواء. نرسل له من هنا أندي التحايا متمنين له دائماً تمام الصحة وطول العمر.
عرفت كمال بعد ذلك عن قرب بعد عودتي من البعثة الدراسية في نهاية الثمانينات. منذ ذلك الزمان وحتى تاريخ رحيله في أبريل 2017 جمعت بيننا صداقة حميمة لم تفسدها مصالح هذه الدنيا الفانية. ازدهرت لدرجة مكنتي من التعرف على أعماله وفكره عن قرب. كثيراً ما جمعتني به بمكتبه حوارات ومساجلات مطولة. كان دائماً يأسرني ويسحرني بعلمه الوفير ومعرفته المعمقة بالجوانب الفكرية والفنية للعمارة. إعجابي الكبير به أسسته على إلمامه وإحساسه العالي بالجناحين التين تحلق بهما العمارة، شقها التقني الهندسي والفني التعبيري. لهذ السبب المقنع جاءت أعماله المعمارية دائماً محلقة في العلالي (more…)