عمارة ما بعد الحداثة السودانية: تفكيكية المصباح
كان محمد المصباح واحداً من طلابي النابهين بقسم العمارة في كلية الهندسة بجامعة الخرطوم في بدايات تسعينيات القرن الماضي. لمست فيه منذ ذلك الزمن الباكر من علاقته بالعمارة روح مغامرة مقترنة بنزعة للتجريب لا تخلو من جراءة. وهي حالة عادة ما تكون نادرة إذ أن جل الطلاب يتوخون الحذر خوفاً من ردود أفعال بعض الأساتذة وتحفظهم على الأفكار الجديدة. توجهاته خلال مراحل دراسته جعلتني أتنبى له بمستقبل مبشر بعد تخرجه.
تخرج محمد المصباح في منتصف التسعينات. لكنه بعد ذلك لم يبتعد كثيراً من الأجواء الأكاديمية إذ التحق كمساعد تدريس بنفس قسم العمارة الذي درس فيه. نقلته تلك التجربة وهو يعمل جنباً لجنب مع الفطاحلة من الأساتذة إلى أجواء فكرية عالية كان لها انعكاساتها المؤثرة عليه لاحقاً. من حسن حظه إنه في تلك المرحلة الباكرة من مسيرته العملية لم ينخرط وينغمس كثيراً في المجال الاستشاري. الذي كثيراً ما تتقاطع طبيعة عمله وقناعاته مع المفاهيم العلمية المؤسسة على عمق فكرى.